منقول
الإيمان بالله في جوهره: طاعة وعمل
ليس الإيمان مجرد إعلان المرء بلسانه أنه مؤمن، فما أكثر المنافقين الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون" .
وليس هو مجرد قيام الإنسان بالشعائر والفرائض، فما أكثر الدجالين الذين يتظاهرون بالصالحات، وأعمال الخير، وشعائر التعبد، وقلوبهم خراب من الخير والصلاح والإخلاص لله: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس، ولا يذكرون الله إلا قليلاً" .
وليس هو مجرد معرفة ذهنية بحقائق الإيمان، فكم من قوم عرفوا حقائق الإيمان، ولم يؤمنوا: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" , وحال الكبر أو الحسد أو حب الدنيا بينهم وبين الإيمان بما علموه من بعد ما تبين لهم الحق: "وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون".
إن الإيمان في حقيقته ليس مجرد عمل لساني ولا عملا بدنيا، ولا عملا ذهنيا.
الإيمان الحق هو الذي تشرق شمسه على جوانب النفس كلها، فتنفذ إليها أشعتها حاملة الضوء والحرارة والحياة. إن الإيمان في حقيقته تصديق قلبي يبلغ أغوار النفس، ويحيط بجوانبها، كلها من إدراك وإرادة، فيحصل لها انقياد إرادي، يتمثل في الخضوع والطاعة لحكم من آمنت به مع الرضا والتسليم: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" . "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون" "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة، إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" .
ويتمثل بالعمل بمقتضيات العقيدة، والالتزام بمبادئها الخلقية والسلوكية والجهاد في سبيلها بالمال والنفس، ولهذا نجد القرآن الكريم يصف المؤمنين فيقول: "إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقاً" .
والقرآن الكريم يعرض دائماً الإيمان في أخلاق حية تحرك الإنسان وتحفّزه إلى العطاء والبناء، واستباق الخيرات، وعمل الصالحات، التي يتميز بها المؤمنون، من الكفرة والمنافقين
"قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون" الآيات
وقال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون" .
يؤكد ذلك أحاديث الرسول الكريم حيث يقول (ص): "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق".
الإيمان هو الذي جعل إبراهيم الخليل(ع) يقدم على ذبح ولده وفلذة كبده طاعة لله، وجعل ابنه الفتى اليافع، يقول لأبيه وقد قال له: "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى" قَالَ: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" .
والإيمان كما أنه قوة دافعة إلى فعل الخير هو كذلك قوة رادعة ضابطة تنزع صاحبها عن الشر، وتلجمه بلجام التقوى، وتردعه عن الإثم، وعن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
فالمؤمن هو الذي يضع نصب عينيه دائما رقابة الله تعالى، وحساب الآخرة، وعقيدة الثواب والعقاب، والجنة والنار، وبذلك يكون هو رقيبا على نفسه، يشارطها قبل العمل، ويحاسبها بعد العمل، ويلومها عند التقصير، وقد يعاقبها بالتقريع والتأنيب، وبغيرهما من وسائل التأديب. كما هو شأن "النفس اللوامة".
الإيمان هو الذي جعل ابن آدم الخيّر يقول لأخيه الشرير: "لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" .
الإيمان هو الذي جعل يوسف بن يعقوب عليه السلام يرفض الشهوة الحرام، وهو في عنفوان شبابه، وقوة رجولته، وهي التي سعت إليه، ولم يسعَ إليها؛ فهو يقول للمرأة التي هو في بيتها، والتي تملك أمره، والتي راودته عن نفسه بالتصريح لا بالتلميح "وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ".
وحين لم يفلح معه الإغراء، جربت معه التهديد، فمن لم يثنه الوعد فربما ألانه الوعيد، فقالت أمام النسوة: "وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونّن من الصَّاغِرِينَ" .
فما كان من هذا الشاب المؤمن إلا أن لاذ بالركن الركين، والحصن الحصين، لاذ بربه، قائلا: "رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ
الإيمان بالله في جوهره: طاعة وعمل
ليس الإيمان مجرد إعلان المرء بلسانه أنه مؤمن، فما أكثر المنافقين الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون" .
وليس هو مجرد قيام الإنسان بالشعائر والفرائض، فما أكثر الدجالين الذين يتظاهرون بالصالحات، وأعمال الخير، وشعائر التعبد، وقلوبهم خراب من الخير والصلاح والإخلاص لله: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس، ولا يذكرون الله إلا قليلاً" .
وليس هو مجرد معرفة ذهنية بحقائق الإيمان، فكم من قوم عرفوا حقائق الإيمان، ولم يؤمنوا: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" , وحال الكبر أو الحسد أو حب الدنيا بينهم وبين الإيمان بما علموه من بعد ما تبين لهم الحق: "وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون".
إن الإيمان في حقيقته ليس مجرد عمل لساني ولا عملا بدنيا، ولا عملا ذهنيا.
الإيمان الحق هو الذي تشرق شمسه على جوانب النفس كلها، فتنفذ إليها أشعتها حاملة الضوء والحرارة والحياة. إن الإيمان في حقيقته تصديق قلبي يبلغ أغوار النفس، ويحيط بجوانبها، كلها من إدراك وإرادة، فيحصل لها انقياد إرادي، يتمثل في الخضوع والطاعة لحكم من آمنت به مع الرضا والتسليم: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" . "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون" "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة، إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" .
ويتمثل بالعمل بمقتضيات العقيدة، والالتزام بمبادئها الخلقية والسلوكية والجهاد في سبيلها بالمال والنفس، ولهذا نجد القرآن الكريم يصف المؤمنين فيقول: "إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقاً" .
والقرآن الكريم يعرض دائماً الإيمان في أخلاق حية تحرك الإنسان وتحفّزه إلى العطاء والبناء، واستباق الخيرات، وعمل الصالحات، التي يتميز بها المؤمنون، من الكفرة والمنافقين
"قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون" الآيات
وقال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون" .
يؤكد ذلك أحاديث الرسول الكريم حيث يقول (ص): "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق".
الإيمان هو الذي جعل إبراهيم الخليل(ع) يقدم على ذبح ولده وفلذة كبده طاعة لله، وجعل ابنه الفتى اليافع، يقول لأبيه وقد قال له: "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى" قَالَ: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" .
والإيمان كما أنه قوة دافعة إلى فعل الخير هو كذلك قوة رادعة ضابطة تنزع صاحبها عن الشر، وتلجمه بلجام التقوى، وتردعه عن الإثم، وعن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
فالمؤمن هو الذي يضع نصب عينيه دائما رقابة الله تعالى، وحساب الآخرة، وعقيدة الثواب والعقاب، والجنة والنار، وبذلك يكون هو رقيبا على نفسه، يشارطها قبل العمل، ويحاسبها بعد العمل، ويلومها عند التقصير، وقد يعاقبها بالتقريع والتأنيب، وبغيرهما من وسائل التأديب. كما هو شأن "النفس اللوامة".
الإيمان هو الذي جعل ابن آدم الخيّر يقول لأخيه الشرير: "لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" .
الإيمان هو الذي جعل يوسف بن يعقوب عليه السلام يرفض الشهوة الحرام، وهو في عنفوان شبابه، وقوة رجولته، وهي التي سعت إليه، ولم يسعَ إليها؛ فهو يقول للمرأة التي هو في بيتها، والتي تملك أمره، والتي راودته عن نفسه بالتصريح لا بالتلميح "وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ".
وحين لم يفلح معه الإغراء، جربت معه التهديد، فمن لم يثنه الوعد فربما ألانه الوعيد، فقالت أمام النسوة: "وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونّن من الصَّاغِرِينَ" .
فما كان من هذا الشاب المؤمن إلا أن لاذ بالركن الركين، والحصن الحصين، لاذ بربه، قائلا: "رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ